موت صغير و (يوم الطِّين)

 موت صغير و (يوم الطِّين). 

كانت حياة كبيرة لي 

الحكمة الفلسفية الصغيرة  من الفيلسوف المتصوف الرحالة

 الباحث عن أوتاده 

من أقصى الغرب في الأندلس إلى أقصى المشرق .

هذه الشخصية المثيرة للجدل في التاريخ الإسلامي 

في القرن السادس الهجري ،  

و التي ألهمت الكاتب والروائي السعودي الفذ محمد علوان 

 لِيسطر لنا روايته الآسرة والحائزة على جائزة البوكر العربية 

(موت صغير).

مع صفحات الرواية الأولى ومن مدينة مرسية تحديدا

 حيثُ وُلِدَ  ونشَأَ الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي ،

يأخذك  الروائي محمد علوان بين سطور

  روايته الشيقة في رحلة مكوكية

 قبل 7 قرون  بطلها الشيخ ابن عربي ،

بدايتها من الأندلس مررورا بالمغرب راكبا البحر إلى مصر، 

محرما وملبيا إلى مكة ثم متجهاً إلى بغداد 

واخيرا مستقرا بدمشق حيث وافاهُ الأجلُ هناك 

  الرواية فتحت لي بابا شيقا وجميلا ، 

فتح أبوابا بعده لا تنتهي ،







وضعتُ الرواية بجانبي و أخذت نفسي
 إلى ذلك الزمن وما قبله ، 

بدأت من مرسية شرقا واتجهت بعدها  إلى

 سرقسطة شمالا والتي لاتزال بنفس اسمها

 ، ثم نزلتُ إلى طليطلة التى تسمى توليدو،

 وبعدها اتجهتُ جنوبا إلى قرطبة وربيع قرطبة

 والجامع الكبير فيها 

 وأطلال قصر الزهراء ودار زرياب للفن ؛

وإلى الجنوب أيضا بعد قرطبة

  هناك في  اشبيلية و خصوصاً 

في عهد ملوك الطوائف

 و بني عباد وآخر ملوكها

 الملك الأديب الشاعر المرهف.  (المعتمد  ابن عباد):-



قصر المعتمد بن عباد 


 عَلِّل فُؤادَكَ قَد أَبَلّ عَليلُ

                                    وَاِغنَم حَياتَكَ فَالبَقاءُ قَليلُ

لَو أَنَّ عُمرَكَ أَلفُ عامٍ كامٍلٍ

                                      ما كانَ حَقا أَن يُقالَ طَويلُ

أَكَذا يَقودُ بِكَ الأَسى نَحوَ الرَدى

                                 وَالعُودُ عُودٌ وَالشَمولُ شُمولُ

لا يَستَبيكَ الهَمُّ نَفسَكَ عَنوَةً

                               وَالكأسُ سَيفٌ في يَدَيكَ صَقيلُ

بِالعَقلِ تَزدَحِمُ الهُمومُ عَلى الحَشا

                                 فالعَقلُ عِندي أَن تَزولَ عُقولُ 


والذي وافته المَنيَّةُ مأسوراً مكسوراً في أغمات بالمغرب 

و ضريحه بقرب ضريح زوجته اعتماد

متجاوران متحابان حتى وهما في عالم آخر 

 كانت في بدايتها حياة الملك والترف والسلطان 

وبعدها حياة الأسر والحرمان ثمَّ الرحيل

 في كفن الأحزان   

وقصيدته الأخيرة منحوتةٌ بحروف الحزن

 مكتوبةٌ بحبرِ الُّدموع 

  على جدار الضريح ….

ضريح المعتمد ابن عباد وزوجته وابنه 




قَبرَ الغَريب سَقاكَ الرائِحُ الغادي

حَقّاً ظَفَرتَ بِأَشلاء ابن عَبّادِ

بِالحِلمِ بالعِلمِ بِالنُعمى إِذِ اِتّصلَت

بِالخَصبِ إِن أَجدَبوا بالري لِلصادي 

 

كانت الرواية بوابة لي لعالم الاندلس 

والتاريخ القديم الجديد 

كانت بوابة للبحث والقراءة و المتعة 

بأن أعيش مع مسلسل ملوك الطوائف

 وكأني في ذلك العصر ..لأبكي بكاءً مريرا

 على المعتمد 

حينما سأل زوجته اعتماد الروميكية ، 

وقد لبس قناعا  من الحزن والأسى والصدمة    

 (ولا يوم الطين ؟؟) 

 

وآه من يوم الطِّين وما أدراك ما يوم الطِّين  

وأكملت الرحلة  في اليوتيوب لغرناطة ولقصر الحمراء 

وتجولت هناك في معالمه ونقوشه الجميلة 

وتلك العبارة في كل زاوية (لا غالب إلا الله) .

أوقفت المشهد وذهبت لمشهد آخر

 يروي قصة بهو السباع ونوافيره العجيبة ...

إنها جولةٌ عن بعد كما هي الدراسة

 عن بعد في ظل جائحة كورونا 



لقد كنتُ في عالم آخر وكأنني مسافرٌ عبر الزمن
 و كانت رحلة ممتعةً وشيقة… 

خذ الرواية وانطلق مع ابن عربي

 وعش في ذلك العصر الجميل وما قبله ..... 


د/جعفر الشنقيطي 

comments