الاسفنجة الوردية

 


هذا حواري وندائي من أعماقي لعزيزي المدخن أعرفه بنفسي وأشرح له معاناتي، 

فلربما أخذته الرأفة بي وبنفسه لِيتخَّذَ قرارا شجاعا بالإقلاع    عن الآفة .

 أشكوا إليكم حالي ومعاناتي : 

فأنا أعطيه الحياة وهو يعطيني الرحيل

أعطيه النقاء ويعطيني الفناء  

أعطيه الأكسجين ويعطيني أول اكسيد الكربون 

أرمم المباني ويهدمها 


من أجل (كيف وتفريغ لضغوطات الحياة ؟ 


ما ذنبي يقتلني قتلا بطيئا ً؟


ما ذنبي أكون مُتَنفَّسَهُ بإشعال الحريق والنار في أحشائي؟ ما ذنبي أُصبَّحُ على رائحة لا أحبها؟    


أبادره بالسعال الذي يزداد حدةً وكأنه صيحات استغاثة ،     يزداد السعال و يصحبه البلغم ، تتألم الأضلاع وتشتكي من     السعال المتكرر، تحتقن الشعب الهوائية وتختنق ، ومع ذلك    يزداد النَّهم والشَّره على السيجارة والنيكوتين ، فسيجارة     واحدة بل  بَكَتٌ واحد لم يعد يكفي !


ومع هذا فأنا في قلق وخوف دائم، فالسرطان باسمه المرعب لا يغيب عن بالي و مخيلتي ، زرعت المستشعرات  في كل مكان  بداخلي ، توسلت للجهاز المناعي أن يكون أكثر حرصا ومتابعة   لأي خلية ماردة يشك في أمرها،  ليبادر بقتلها وإعدامها فورا   من دون أن تأخذه شفقةٌ أو رحمةٌ، فخطر السرطان مُحدق ، ومع   كل سيجارة حارقة تزداد الخطورة ؟!


يا ويلاتاه ماذا جَنيتُ لأَصْلى هذا العذاب والجحيم؟  


أي ذنب أذنبته؟


ما أنا إلاَّ إسفنجة وردية مفعمةٌ بالحياة والنقاء ، في أحشائي شُعَبٌ متفرعة كالشُّعب المرجانية في أعماق البحر  ، بي   حويصلات رقيقة جدا كالطفلة البرئية .


ما ذنبها بهذا الضباب الحار  والسام ما ذنبها تموت اختناقاً   واكتئابا؟


هي لا تريد شئيا سوى حياة هانئة آمنة لتؤدي وظيفتها الحيوية  بإيصال غاز الحياة وطرد غاز ثاني أكسيد الكربون ، فالهواء فيه ما يكفيه من ملوثات البيئة .

 


  

يا رباه متى يكون لي وله الخلاص والحياة ؟متى أعود وردية حمراء لا بنية مسودةً ملطخةً بالقطران ؟


متى أستلذ بالهواء النقي الذي هو حياتي وحياته ؟

 متى سيقرر يوم الإستقلال والنصر لنفسه على نفسه؟ 


وهو الرابح الأكبر بحفظ صحته ورئتيه وماله ؟ 


يا لظلم الإنسان القاسي لنفسه وصحته  وبيئته ! 


رئة مدخن



رئة مدخن


comments